مواضيع المدونة

نقض عرى الإسلام والناقضون لها.....؟؟؟؟


 بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد

هذه رسالة اخذتها من كتاب حقيدقة الاعتقاد بالامام المهدي عليه السلام لمؤلفه أحمد حسين يعقوب وفي هذا المقتطف إشارة إلى مكمن البداية الأولى للمؤامرة القرونية على الاسلام والمسلمين،فلأترك الكتاب يسرد حكايته الموثقة:


 نقض عرى الإسلام والناقضون لها: قال الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم: (لينقض الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضا الحكم، وآخرهن الصلاة). (رواه أحمد وابن حبان والحاكم، راجع كنز العمال ج 1 ص 238). وعملية نقض العرى لن تتم من تلقاء نفسها بل سيتولاها وينفذها فريق من المسلمين المحسوبين على الأمة، لذلك كشف رسول الله حقيقة هذا الفريق ليحذر الناس من شرورهم قبل وقوعها. قال حذيفة: (والله ما أدري أنسي أصحابي أم تناسوا، والله ما ترك رسول الله من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا بلغ من معه ثلاثمائة فأكثر، إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه واسم قبيلته). (رواه أبو داود في عون المعبود حديث 4243 و 4222)، ووضع رسول الله النقاط على الحروف، قال حذيفة: قال رسول الله: (إن في أصحابي اثني عشر منافقا منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، (رواه الإمام أحمد والإمام مسلم، راجع كنز العمال ج 1 ص 169 ومعالم الفتن ج 1 ص 67)، وقال حذيفة: أشهد أن الاثني عشر حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد (راجع صحيح مسلم ج 17 ص 125)، وروي عن عمار بن ياسر مثل ذلك. (رواه الإمام أحمد، راجع الفتح الرباني ج 21 ص 202.) إن اثني عشر مجموعة تخريبية كذبت بآيات الله واستكبرت عنها كما يستفاد ذلك من الآية 40 من سورة الأعراف. واقترب الرسول من نقطة الخطر فأعلن أمام أصحابه قائلا:
(إن هلاك أمتي على يد غلمة من قريش). (رواه البخاري في صحيحه كتاب بدء الخلق، باب علامات النبوة من صحيحه ج 2 ص 280) ثم قال: (يهلك أمتي هذا الحي من قريش) (رواه البخاري أيضا في كتاب بدء الخلق، باب علامات النبوة من صحيحه ج 2، ص 280 ومسلم في صحيحه كتاب الفتن ج 18 ص 41)، وعن ابن عباس أنه قال: قال رسول: (ولتحملنكم قريش على سنة فارس والروم ولتؤمنن عليكم اليهود والنصارى والمجوس). (رواه الطبراني، راجع مجمع الزوائد ج 7 ص 236)، وقال الرسول مرة لأصحابه: (إن هذا الحي من مضر لا تدع لله في الأرض عبدا صالحا إلا فتنته وأهلكته). (رواه الإمام أحمد، وقال الهيثمي: رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح الفتح الرباني ج 23 ص 240)..
وعندما ذكر رسول الله الغلمة من قريش، والحي من قريش طالب الناس باعتزالهم قائلا: (لو أن الناس اعتزلوهم). (راجع صحيح البخاري ج 2 ص 280 وصحيح مسلم ج 18 ص 41 والفتح الرباني ج 23 ص 39 ومعالم الفتن ج 1 ص 303). ثم وقف النبي طويلا عند بني أمية، وحذر الأمة منهم، فبين أن أكثر بطون قريش بغضا لمحمد ولآل محمد هم بنو أمية، وبنو مخزوم... (راجع المستدرك على الصحيحين للحاكم وحلية الأولياء لأبي نعيم، وكنز العمال ج 11 ص 169 حديث 31074)، وتحدث عن الشجرة الملعونة وعن رؤى نزو الأمويين على منبره نزو القردة، وتيقن المسلمون من استياء النبي البالغ من تلك الرؤيا، (رواه الحاكم في المستدرك ج 3 ص 171، وأقره الذهبي وقال ابن كثير في البداية والنهاية ج 6 ص 243، ورواه الترمذي وابن جرير والحاكم والبيهقي) وتحدث النبي عن أصحاب الخطر من بني أمية، وركز عليهم واحدا واحدا، وحذر الأمة منهم. ثم وقف النبي وقفة طويلة وخاصة عند الحكم بن العاص والد وجد الخلفاء الأمويين، فقال أمام أصحابه: (ويل لأمتي مما في صلب هذا) (رواه ابن عساكر راجع الكنز ج 11 ص 167)، وقال أيضا: (ويل لأمتي من هذا وولد هذا)، (الكنز ج 11 ص 167 والإصابة لابن حجر ج 2 ص 29)، وقال النبي لأصحابه عن الحكم: (إن هذا سيخالف كتاب الله وسنة نبيه، وسيخرج من صلبه فتن يبلغ دخانها السماء، وبعضكم يومئذ شيعته، (رواه الدارقطني الكنز ج 11 ص 166 وابن عساكر ج 11 ص 360 والطبراني ج 11 ص 667).
وبعد أن كشف الرسول حقيقة هذا الخطر لعنه رسول الله، ولعن ولده. (قال عبد الرحمن بن أبي بكر لمروان بن الحكم: (إن رسول الله لعن أباك) (رواه البزار ومجمع الزوائد ج 5 ص 21)، وقال الحسن بن علي لمروان: لقد لعنك الله على لسان رسوله، وأنت في صلب أبيك (رواه أبو يعلى مجمع الزوائد ج 5 ص 240، وابن سعد وابن عساكر ج 11 ص 357 وابن كثير في البداية ج 8 ص 280).
وحتى يكون الأمر معلوما للجميع، والخطر واضحا أمام الجميع أمر رسول الله بنفي الحكم بن العاص، فنفاه الرسول من المدينة وأعلن أن الحكم بن العاص عدو لله ولرسوله، وبقي الحكم منفيا طوال عهد النبي المبارك، وبعد وفاة النبي راجع عثمان أبا بكر لإعادة الحكم فرفض ذلك أبو بكر، وبعد وفاة أبي بكر راجع عثمان عمر فرفض عمر ذلك، ولما آلت الخلافة لعثمان أدخله معززا مكرما، واتخذ ابنه مروان رئيسا لوزرائه، ولما مات الحكم أقام عثمان على قبره فسطاطا تعبيرا عن حزنه وعميق مصابه بموت الحكم (راجع الإصابة ج 2 ص 29).
استمع المسلمون إلى كافة تحذيرات الرسول مما سيكون!! وتعجبوا كيف يكون ذلك!! وهل يعقل أن تنقض عرى الإسلام كلها!! فأراد الرسول أن يحذر أصحابه أنفسهم، وأن يضعهم أما مسؤولياتهم فذكرهم أنه سينتظرهم على الحوض وفاجأهم قائلا: (... وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم. (راجع صحيح بخاري ج 4 ص 141 كتاب الدعوات وصحيح مسلم ج 5 ص 153 كتاب الفضائل والفتح الرباني ج 1 ص 192)، وفي رواية عن عبد الله: (فأقول يا رب أصحابي!! فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك). (صحيح البخاري كتاب الدعوات ج 1 ص 141 وصحيح مسلم كتاب الفضائل ج 15 ص 159، ورواه أحمد والبيهقي، راجع كنز العمال ج 14 ص 418)، وفي رواية عن أبي هريرة: (فيقال إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى). (راجع صحيح البخاري ج 4 ص 142 باب الصراط)، وفي رواية عن ابن عباس: (فيقال إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم). (راجع صحيح البخاري تفسير سورة الأنبياء ج 3 ص 160، وصحيح مسلم ج 17 ص 194)، ونادى مناد فقال هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله! قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم) (راجع صحيح البخاري ج 4 ص 142 كتاب الدعوات باب الصراط). هذه التحذيرات التي أطلقها الرسول بمواجهة أصحابه كانت إغلاقا للدائرة فقد بين كل شئ على الإطلاق، فمن وعى بيانه تيقن أن الوقائع التي جرت بعد وفاته، ما كانت إلا ترجمة حرفية، لكل ما حذر منه، وباختصار شديد قال رسول الله: (وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء). (رواه ابن  ماجة راجع الكنز ج 11 ص 370).
 أخطر التحذيرات النبوية لغايات إكمال الحلقة، وحتى لا يضل الناس بعد هدى، وتبيانا يقينيا لما سيكون قال النبي لأصحابه ومنهم أصحاب الخطر: (أكثر ما أتخوف على أمتي من بعدي رجل يتأول القرآن، يضعه على غير مواضعه، ورجل يرى أنه أحق بهذا الأمر من غيره)، (رواه الطبراني في الأوسط، راجع معالم الفتن ج 1 ص 91)، لأن الله تعالى قد خصص فئة معينة لفهم القرآن فهما يقينيا، وهم أهل البيت والمتأول يقف بما ليس له به علم، ويتولى مهمة مخصصة لغيره، ولأن هذا المتأول محكوم بهواه فسيضطر، لترك النصوص الشرعية التي لا تتفق حتما مع هواه، واتباع آرائه الشخصية، مما يعني إهمال مضامين النصوص الشرعية وإحلال التحليلات والآراء الشخصية محلها تحت شعار أن هذا المتأول مشفق وناصح لله ولرسوله، وأنه يرى ما لا يرون!!! وبين الرسول أن القرآن سيقرأه في زمن الأزمان ثلاثة (مؤمن ومنافق وفاجر). (رواه الحاكم وأقره الذهبي في ذيل المستدرك ج 4 ص 507)، ولكن لا يمسه ولا يفهم المقصود الشرعي منه إلا المطهرون، وليقنع الرسول أصحابه، بأن ما يقوله يقينا ومن عند الله، فقد ذكر أصحابه قائلا: (لم يزل أمر بني إسرائيل معتدلا حتى نشأ فيهم المولودون وأبناء سبايا الأمم التي كانت بنو إسرائيل تسبيها، فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا). (رواه الطبراني في الكبير، راجع كنز العمال ج 11 ص 181).
أما الشق الآخر من الخطر المحدق الذي حذر منه رسول الله فهو رجل يرى أنه أحق بهذا الأمر من غيره!! لقد أعلن رسول الله بأمر من ربه حديث الثقلين، وبين بأمر من ربه بأنه قد ترك هذين الثقلين، خليفتين من بعده، وبين أيضا بأن القرآن لا يمسه إلا المطهرون، والمطهرون الذين أذهب الله عنهم الرجس هم أهل البيت أحد الثقلين، بمعنى أن النقاط موضوعة على الحروف وأن كل شئ مرتب ترتيبا إلهيا محكما، وأخطر ما حذر الرسول من الوقوع فيه بعد موته هو ادعاء عمرو أو زيد من الناس أنه أحق بالأمر أي (بقيادة الأمة) ومس القرآن من أهل بيت النبوة وأن (مصلحة المسلمين) تقتضي تقديم المفضول على الأفضل، وهكذا وبجرة قلم ينقضوا أعظم عروة من عرى الإسلام، وهي نظام الحكم ويلغوا كافة الترتيبات الإلهية المتعلقة بها، وكافة النصوص الشرعية التي تعالجها مستندين إلى الرأي الشخصي والتأويلات الخاطئة، وهكذا يضلون ويضلون الأمة، ويدخلوها...
والعالم معهم في ليل طويل، لا آخر له. وقد حذرهم الرسول إن فعلوا ذلك قائلا:
(إنه سيلي أمركم بعدي رجال يطفئون السنة، ويحدثون البدعة، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها. وعندما سأله ابن مسعود: كيف بي إذا أدركتهم؟ أجابه النبي قائلا:
(يا بن أم عبد، لا طاعة لمن عصى الله)، قالها ثلاث مرات. (رواه أحمد، الفتح الرباني ج 29 ص 23 وقال: حديث صحيح).
الله ورسوله يكشفان العقول والجموع التي ستنقض عرى الإسلام إن نقض عرى الإسلام لم يتم آليا أو بصورة عفوية إنما كان وراء عملية النقض، تخطيط محكم، وعقول كبيرة كانت تعرف ما تريد وتسعى، بلا كلل ولا ملل، لتحقيق ما تريد، وتقف وراءها جموع إلهها هواها، ولا هم لها إلا هدم دين الإسلام وتفريغه نهائيا من مضامينه، والابقاء على قشوره ليستقيم لها الملك الذي جاءت به النبوة. وقد أشرنا إلى قيادات النقض، بالقدر الذي تحتمله عقول العامة، ونشير الآن إلى الجموع التي وقفت خلف تلك القيادات التي تولت كبر عملية نقض عرى الإسلام وهذه الجموع هي:
1 - بطون قريش: منذ اليوم الأول الذي أعلن فيه الرسول أنباء النبوة والكتاب، وطوال مدة ال‍ 15 سنة التي سبقت الهجرة النبوية، وبطون قريش ال‍ 23 تقف وقفة رجل واحد ضد محمد، وضد بني هاشم، وقد استعملت بطون قريش كافة سهام كيدها، وفنون مكرها، وتآمرت على قتل النبي مرات متعددة، لأنها ببساطة تحسد الهاشميين، وتكره ما أنزل الله، ولا تريد أن يكون النبي من بني هاشم، ولما هاجر النبي جيشت بطون قريش الجيوش، واستعدت العرب على  النبي وحاربته حربا لا هوادة فيها، وبعد حروب طاحنة، ولما هزمها النبي اضطرت مكرهة أن تدخل، أو أن تتظاهر بالدخول في الإسلام، وبنفس الوقت أخفت تركة صراع طويل، وحسدا متمكنا من النفوس، وحقدا دفينا ألقى أجرانه في القلوب. ولما رأت بطون قريش أن النبوة قد أسفرت عن ملك رأت من مصلحتها أن تعترف بهذه النبوة طمعا بالانقضاض على الملك ذات يوم، وعندما تيقنت البطون، بأن الرسول قد رتب مرحلة ما بعد النبوة، وأنه قد عين خليفتين من بعده (كتاب الله وعترة النبي أهل بيته)، صممت بطون قريش أن تستولي على الملك من بعد النبي، وأن تحارب الإسلام بأسلحته فروجت، بأن الإسلام قد جاء بالعدل والمساواة والانصاف، وليس من العدل ولا من الإنصاف أن ينال الهاشميون الملك والنبوة معا، وأن تحرم بطون قريش من هذين الشرفين معا، والأفضل أن يختص الهاشميون بالنبوة، وأن تختص بطون قريش بالملك تتداوله فيما بينها، لذلك صممت بطون قريش على فرض هذه القسمة بالقوة الغاشمة بعد وفاة النبي، وهكذا نقضت بطون قريش عمليا العروة الأولى من عرى الإسلام، وهي الحكم. واتحدت ضد آل محمد بعد وفاة النبي تماما، كما اتحدت ضد النبي، وحاربت آل محمد بكل وسائل الحرب وفنونه، تماما كما حاربت النبي من قبل، واستعدت عليهم العرب، تماما كما استعدت العرب على النبي من قبل!!
وكانت بطون قريش على استعداد أن تمد يدها للشيطان إن ساعدها على تحقيق ذلك كله. وقد وثقنا ذلك في كتابنا (المواجهة) وسقت 394 دليلا على ذلك من عيون المراجع المعتمدة عند أهل السنة، فليرجع إليه من يشاء.
2 - المنافقون: وهم العمود الفقري للجموع التي دعمت نقض عرى الإسلام، وكانت لهم قواعد في المدينة، وما حولها وفي مكة وما حولها، وقد حمل عليهم القرآن حملات متكررة، حتى كشفهم وعراهم على حقيقتهم، ووضع الله ورسوله معيارا لمعرفة المؤمن من المنافق، فمن والى عليا بن أبي طالب وأحبه، فهو مؤمن، ومن عاداه وأبغضه فهو منافق. (راجع على سبيل المثال صحيح الترمذي ج 2 ص 299 ومسند أحمد بن حنبل ج 6 ص 292 وصحيح النسائي ص 27 وصحيح ابن ماجة ص 2).. وكتابنا (الهاشميون في الشريعة والتاريخ) ص 225 يشتمل على عشرات المراجع والمثير للدهشة أنه لم يرو راو قط أن أحدا من المنافقين على الإطلاق قد عارض أي خليفة، أو امتنع عن بيعة أي خليفة، أو تلكأ عن نصرة أي خليفة من الخلفاء الذين حكموا الأمة عبر التاريخ، والوحيد الذي عارضه المنافقون وامتنعوا عن بيعته هو علي بن أبي طالب، وهكذا فعلوا مع ابنه السبط الإمام الحسن!! أتحدى أي عالم على وجه الأرض أن ينقض هذه الحقيقة!! بل الأعظم من ذلك أنه بعد موت النبي اختفت المخاوف من ظاهرة النفاق، واندمج المنافقون في المجتمع اندماجا تاما!! ووقفوا بكل قواهم مع دولة الخلافة، ومارسوا حياتهم بحرية، وأصبح الولاء للدولة هو المعيار لتمييز الحق من الباطل، فمن يوالي دولة الخلافة فهو على الحق، أو مستور الحال بغض النظر عن إيمانه أو نفاقه! ومن يعارضها فهو على الباطل، وشاق لعصا الطاعة، ومفرق للجماعة، ودمه حلال للخليفة!!
3 - الذين في قلوبهم مرض: وهم غير الفئة المنافقة، ويمكن أن نسميهم بأصحاب المصالح، أو ضعاف الإيمان، وقد وصفهم القرآن الكريم وصفا دقيقا، وقد ساهمت هذه الفئة في نقض عرى الإسلام.
4 - الذين في قلوبهم زيغ: وهم فئة رابعة متميزة عن غيرها من الفئات، وهؤلاء يفرون من الوضوح إلى الغموض، ومن الحق إلى الباطل، وهم التاركون للنص الآخذون بالرأي حرصا على مصلحة الإسلام والمسلمين!!!
5 - أصحاب التخشع الكاذب: فئة يتظاهر أفرادها بالورع، والتقى والدين، وهم كاذبون ولهم القدرة على خداع كل الناس، وأبرز مثال على هذه الفئة ابن ذي الثدية، فقد خدع أبا بكر، وخدع عمر رضي الله عنهما، وتصورا أنه خاشع تقي فكلف رسول الله أبا بكر ليقتله فلم يفعل تقديرا لخشوعه، ثم كلف الرسول عمر بقتله فلم يفعل، لأنه قد اغتر بخشوعه، فأمر الرسول عليا بقتله فلم يجده، وأخبر الرسول. أن هذا المتخشع الكاذب مارق، وأن عليا سيقتله ذات يوم وقتله علي بالنهروان بالفعل، (راجع البداية والنهاية لابن كثير ج 7 ص 299، ومجمع الزوائد ج 6 ص 227). وقد ساهمت هذه الفئة بنقض عرى الإسلام، وقد كشف.
الله ورسوله حقيقة هذه الفئة، كما كشف حقيقة غيرها من الفئات التي ستقود، وتتبنى عمليا عملية نقض عرى الإسلام.
البيان اليقيني وإقامة الحجة على الجميع من خلال الترابط والتكامل بين القرآن وبيان النبي لهذا القرآن، وبمتابعة من الوحي الإلهي الذي لم يتوقف، بين الترتيبات الإلهية لمرحلة ما بعد موت النبي، وأثبت بالدليل القاطع، بأن هذه الترتيبات محكمة، وأنها صنع الله، وهي الهدى بعينه، وهي الصراط المستقيم نفسه.
ونجح النبي نجاحا منقطع النظير في وصف الطريق التي سيسلكها المسلمون بعد وفاته، وكشف مخاطرها ومنعطفاتها، وتحديد الأعداء تحديدا دقيقا، وبيان طريق النجاة من كل خطر، والمنهج الفرد لهزيمة الشيطان وأوليائه. وهكذا وضع الله ورسوله تحت تصرف طلاب الهدى التصور اليقيني، لما هو كائن ولما ينبغي أن يكون، فقامت الحجة على الجميع، فمن يترك الطريق القويم لا يتركها بشبهة، أو بعذر لأنه لا شبهة مع اليقين، إنما يتركها منحرفا متعمدا مع سبق الإصرار.
المفاجأة الكبرى بعد أن وضع النبي تحت تصرف المسلمين التصور اليقيني لما هو كائن، ولما ينبغي أن يكون، وبعد أن رسم لهم مخططا للطريق التي سيسلكونها بعد وفاته، مرض كما أخبرهم من قبل، وأعلن أنه سيموت في مرضه، وأنه سيلخص لهم الموقف خطيا، فيؤمنهم ضد الضلالة والانحراف تأمينا شاملا، وضرب موعدا لكتابة توجيهاته النهائية للأمة، ودعا لهذا الموعد الخلص من أصحابه، ليأمنهم على عهده، وليشهدوا كتابة توجيهاته النهائية، وما أن جلس النبي مع خلص أصحابه، وفي الوقت الذي هم بكتابة توجيهاته النهائية فوجئ النبي والخلص من أصحابه بجمع كبير من بطون قريش يدخل حجرة النبي دون استئذان، ويجلسون دون دعوة متجاهلين بالكامل وجود النبي، ولم يثن هذا التصرف النبي عما أراد، فقال النبي لخلص أصحابه: (قربوا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا)، فتجاهل.
جمع بطون قريش وجود النبي، وتجاهلوا ما قاله، ووجهوا كلامهم للخلص من أصحابه قائلين: إن النبي قد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله) أن النبي يهجر حسبنا كتاب الله استفهموه! إنه يهجر!!! القرآن وحده يكفينا ولا حاجة لوصية الرسول!!!
احتج الخلص من أصحاب النبي على هذا التصرف المستغرب، واصطدموا مع جمع البطون، وعلت الأصوات بين أصحاب النبي الخلص القلة، وبين الكثرة من بطون قريش، وتنازعوا، فأطلت النسوة من وراء الستر، وقلن: ألا تسمعون رسول الله يقول: قربوا يكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده؟ فنهرهن أحد الصحابة قائلا لهن: (إنكن صويحبات يوسف) هنا تكلم النبي فقال: (إنهن خير منكم) ما أنا فيه خير مما تدعونني إليه، قوموا فلا ينبغي عندي تنازع!! وهكذا صرف النبي النظر عن كتابة توجيهاته الخطية، إذ لو أصر النبي على الكتابة لأصرت بطون قريش في ما بعد على أن الكتابة قد صدرت عن النبي وهو يهجر حاشاه، مع ما يستتبع ذلك من خطر ماحق على الدين نفسه، وهكذا نجحت بطون قريش ومن لف لفها بإخراج النبي من التأثير على سير الأحداث بلحظات حاسمة، وحرمت الأمة والعالم من الاستفادة من توجيهات النبي النهائية الخطية. وما ذكرناه حقائق رواها البخاري في صحيحه في ست روايات، ورواها مسلم في صحيحه، والنووي في شرحه على صحيح مسلم وابن القيم الجوزي في تذكرة الخواص، وأبو حامد الغزالي في سر العالمين، وكشف ما في الدارين، ولا خلاف إطلاقا بين المسلمين على صحة وحقيقة هذه الوقائع، وهكذا صدمت بطون قريش خاطر النبي الشريف، وقصموا ظهر الإسلام بالفعل. وتلك حادثة فريدة من نوعها في التاريخ السياسي الإسلامي، فما من خليفة على الإطلاق إلا وقد مرض قبل موته، واشتد به الوجع أكثر مما اشتد الوجع برسول الله. وما من خليفة على الإطلاق إلا وقد كتب توجيهاته النهائية أثناء مرضه، وقبل موته، ولم يصدف على الإطلاق أن قال أحد لأي خليفة من الخلفاء أنت تهجر، أو أن الوجع قد اشتد بك، وأنه لا حاجة لنا بوصيتك، ولا بتوجيهاتك لأن القرآن عندنا وهو يكفينا ويغنينا عنك!!. بل على العكس فقد كانت وصايا الخلفاء وهم على هذه الحالة تنفذ كأنها وحي إلهي.
تنزلت به الملائكة علنا، وعلى رؤوس الأشهاد!! وبعض الخلفاء وهو مشرف على الموت أوحى بقتل كل من لا يلتزم حرفيا بتوجيهاته النهائية التي أصدرها، وهو مريض على فراش الموت، ومع هذا نفذت تلك التوجيهات بدقة متناهية.
حلقة من مخطط وخطوة على طريق لم تكن مواجهة بطون قريش للنبي في الحجرة المقدسة وقولهم له (أنت تهجر، والقرآن يغنينا عنك، ولا حاجة لنا بوصيتك) وليدة لحظتها إنما كانت الحلقة قبل الأخيرة من مخطط أعد له بدقة، ونفذ خطوة بعد خطوة. كانت بطون قريش ومن لف لفها تريد أن تبقي من الدين والنبوة فقط، ما هو ضروري لبقاء الملك الذي تمخضت عنه النبوة وما لا يتعارض مع هذا الملك، وتريد في النهاية الاستيلاء على هذا الملك بالقوة والقهر والتغلب، وأن تنسف كافة تعاليم الدين وترتيباته التي تتعارض مع أهدافها تلك. لقد أدركت هذه الجبهة خطورة البيان النبوي، وقدرة النبي على إيصال ما يريد إلى قلوب سامعيه، وأدركت إحكام الترتيبات الإلهية لذلك، وأثناء حياة النبي وصحته كانت بطون قريش تشكك بكل ما قاله النبي، وتصد عن كتابة أحاديث النبي. قال عبد الله بن عمرو بن العاص:
(كنت أكتب كل شئ سمعته من رسول الله... فنهتني قريش وقالت: الرسول بشر يتكلم في الغضب والرضى... (راجع سنن أبي داود ج 2 ص 126، وسنن الدارمي ج 1 ص 125 ومسند أحمد بن حنبل ج 2 ص 162 و 207 و 216 والمستدرك للحاكم ج 1 ص 105 و 106 وجامع بيان العلم لابن عبد البر)، وكانت بطون قريش تشيع بأن الرسول يفقد السيطرة على أعصابه، فيسب ويشتم ويلعن من لا يستحق ذلك، (راجع صحيح البخاري، كتاب الدعوات باب قول النبي (من آذيته)، وصحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب من لعنه النبي)، وأن النبي قد سحر وأنه يخيل إليه أنه قد فعل الشئ وما فعله.. (راجع صحيح البخاري، بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، وصحيح مسلم باب السحر)..
إلى آخره من تلك الأراجيف والأكاذيب التي لا أساس لها من الصحة، ولما أدركت البطون الطامعة بالملك فشل إشاعاتها، واستبطأت أجل النبي صممت على قتله، وشرعت في جريمتها في غزوة تبوك، ولكن الله حمى نبيه، كل ذلك يجري تحت خيمة الإسلام التي استظلت بها الفئة الطامعة بالملك، فجاء يوم الرزية كما يسميه ابن عباس، وهو يوم المواجهة في الحجرة المقدسة ليكشف الأسرار، وليظهر حقيقة توجهات البطون الحاقدة على بني هاشم.
كانت جبهة الصد عن سبيل الله تشكل فريقا حقيقيا، وحزبا منظما، رتب كل شئ، واقتسم الملك والغنائم، حتى قبل موت النبي، وجاءت المواجهة في الحجرة المقدسة بمثابة استعراض للقوة، ولإقناع أولياء النبي بأنه لا فائدة ترجى من المعارضة، فإما أن يقبلوا بترتيبات البطون وما قبلته من الإسلام، أو يواجهوا الموت، ويتوقعوا عودة الشرك بعد التوحيد، وهذا يفسر اضطرار بعض الصحابة الكرام لمجاراة هذا التيار الساحق. وكانت هذه الجبهة تضم بطون قريش التي قاومت النبي قبل الهجرة، وحاربته بعد الهجرة، ثم اضطرت مكرهة للدخول في الإسلام، وتضم المنافقين من أهل المدينة، ومن حولها، منافقون من أهل مكة، وممن حولها من الأعراب بالإضافة إلى المرتزقة من الأعراب الذين لا هم لهم إلا الكسب، الذين ينتظرون من تدور عليه الدوائر ليأكلوه، والقاسم المشترك بين هذه الفئات هي كراهيتهم لآل محمد، وعدم قبولهم بأن يجمع الهاشميون النبوة والملك معا!!! لأن في ذلك إجحاف بحق البطون!! فهل من العدل - برأي البطون - أن يجمع الهاشميون النبوة والملك، وأن ينالوا الشرفين، ويحوزوا الفخرين معا، وتحرم بقية البطون!! أليس محمد من قريش!! لماذا يرث سلطانه الهاشميون وحدهم!! ومن الذي يضمن للبطون أن الهاشميين لن يجحفوا عندما يؤول الملك إليهم بعد وفاة النبي!! ثم إن الهاشميين قد وتروا بطون قريش أثناء حروبها مع النبي، فما من بطن من بطون قريش إلا وقتل منه الهاشميون، فهل تقبل بطون قريش رئاسة الذين قتلوا أبناءها، ويتموا أطفالها ورملوا نساءها!! إن من مصلحة الإسلام أن تتوحد بطون قريش خلفه، ولن تتحقق هذه الوحدة إلا إذا استبعد الهاشميون عن الملك، وسلمت قيادة المسلمين لبطون قريش، ومن والاها من العرب خاصة وأن الجميع يتلفظون بالشهادتين والبواطن لله. أما الاحتجاج بالترتيبات التي أعلنها النبي في غدير خم، فالنبي بشر والناس أعلم بشؤون دنياهم!!! وهكذا صارت الفتنة كوجوه البقر، لا تدري أيا من أي، وأصبح أولياء النبي أقلية يخافون مرة ثانية أن يتخطفهم الناس من حولهم. وقد وثقنا كل ذلك بكتابنا، المواجهة.
وهكذا افترق الإسلام عن السلطان (مع أنهما توأمان لا يصلح واحد منهما إلا بصاحبه، فالاسلام أس والسلطان حارس، وما لا أس له يهدم، وما لا حارس له ضائع). (رواه الديلمي، راجع كنز العمال ج 6 ص 1). ومع الأيام آلت الخلافة لمن لا مؤهل له، إلا الغلبة وكثرة الأتباع ولمن لا يعرف من الدين إلا اسمه!!!.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق